فصل: تفسير الآيات (92- 93):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآية رقم (87):

{يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)}
أخرج ابن أبي حاتم عن النصر بن عربي رضي الله عنه قال: بلغني أن يعقوب عليه السلام مكث أربعة وعشرين عاماً لا يدري أحي يوسف عليه السلام أم ميت، حتى تخلل له ملك الموت فقال له: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: فأنشدك بإله يعقوب، هل قبضت روح يوسف عليه السلام؟ قال: لا فعند ذلك قال: {يا بني، اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله} فخرجوا إلى مصر، فلما دخلوا عليه لم يجدوا كلاماً أرق من كلام استقبلوه به. {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولا تيأسوا من روح الله} قال: من رحمة الله.
وأخرج ابن جرير، عن الضحاك رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {ولا تيأسوا من روح الله} قال: من فرج الله، يفرج عنكم الغم الذي أنتم فيه.

.تفسير الآية رقم (88):

{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر} أي الضر في المعيشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وجئنا ببضاعة} قال: دراهم {مزجاة} قال: كاسدة غير طائلة.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: رثة المتاع، خلق الحبل والغرارة والشيء.
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- {ببضاعة مزجاة} قال: الورق الردية الزيوف، التي لا تنفق حتى يوضع فيها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: قليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: دراهم زيوف.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير وعكرمة- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال أحدهما: ناقصة. وقال الآخر: فلوس رديئة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: متاع الإِعراب، الصوف والسمن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: حبة الخضراء، وصنوبر وقطن.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: ببعيرات وبقرات عجاف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {مزجاة} قال: كاسدة.
وأخرج ابن النجار، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: سويق المقل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مالك بن أنس- رضي الله عنهما- أنه سئل عن أجر الكيالين: أيؤخذ من المشتري؟ قال: الصواب- والذي يقع في قلبي- أن يكون على البائع. وقد قال إخوة يوسف عليهم السلام: {أوف لنا الكيل وتصدق علينا}. وكان يوسف عليه السلام هو الذي يكيل.
وأخرج ابن جرير، عن إبراهيم رضي الله عنه قال: في مصحف عبد الله {فأوف لنا الكيل وأوقر ركابنا}.
وأخرج ابن جرير، عن سفيان بن عيينة- رضي الله عنه، أنه سئل: هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع قوله: {فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير قال: الأنبياء عليهم السلام لا يأكلون الصدقة، إنما كانت دراهم نفاية لا تجوز بينهم، فقالوا: تجوّز عنا ولا تُنْقِصْنا من السعر لأجل رديء دراهمنا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وتصدق علينا} قال: اردد علينا أخانا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن رجلاً قال له: تصدق عليَّ، تصدق الله عليك بالجنة، فقال: ويحك، إن الله لا يتصدق، ولكن الله يجزي المتصدقين.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه أنه سئل: أيكره أن يقول الرجل في دعائه: اللهم تصدق علي؟ فقال نعم إنما الصدقة لمن يبتغي الثواب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال: قيل لبني يعقوب: إن بمصر رجلاً يطعم المسكين ويملأ حجر اليتيم. قالوا: ينبغي أن يكون هذا منا أهل البيت، فنظروا فإذا هو يوسف بن يعقوب.

.تفسير الآيات (89- 90):

{قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)}
أخرج أبو الشيخ عن الأعمش رضي الله عنه قال: قرأ يحيى بن وثاب- رضي الله عنه {أنك لأنت يوسف} بهمزة واحدة.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه قال: في حرف عبدالله {قال: أنا يوسف وهذا أخي} بيني وبينه قربى {قد منّ الله علينا}.
وأخرج أبو الشيخ في قوله: {إنه من يتق} الزنا {ويصبر} على العزوبة فإن الله {لا يضيع أجر المحسنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: مكتوب في الكتاب الأول، أن الحاسد لا يضر بحسده إلا نفسه، ليس ضاراً من حسد. وإن الحاسد ينقصه حسده، وإن المحسود إذا صبر، نجاه الله بصبره؛ لأن الله يقول {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.

.تفسير الآية رقم (91):

{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} وذلك بعدما عرفهم نفسه، لقوا رجلاً حليماً لم يبث ولم يثرب عليهم أعمالهم.

.تفسير الآيات (92- 93):

{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {لا تثريب} قال لا تعيير.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لا تثريب} قال لا إباء.
وأخرج أبو الشيخ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده قال: لما استفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، التفت إلى الناس فقال: «ماذا تقولون، وماذا تظنون؟... قالوا: ابن عم كريم. فقال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم}».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا أهل مكة، ماذا تظنون، ماذا تقولون؟ قالوا: نظن خيراً ونقول خيراً: ابن عم كريم قد قدرت، قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}».
وأخرج البيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، طاف بالبيت وصلى ركعتين، ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب، فقال: «ماذا تقولون، وماذا تظنون؟ قالوا: نقول ابن أخ وابن عم حليم رحيم، فقال: أقول كما قال يوسف {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإِسلام».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: طلب الحوائج إلى الشباب، أسهل منها إلى الشيوخ. ألم تر إلى قول يوسف {لا تثريب عليكم اليوم} وقال يعقوب عليه السلام {سوف أستغفر لكم ربي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال: أما والله، ما سمعنا بعفو قط مثل عفو يوسف.
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان، كتب يعقوب إلى يوسف- وهو لا يعلم أنه يوسف- بسم الله الرحمن الرحيم. من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون، سلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا أهل بيت، مولع بنا أسباب البلاء. كان جدي إبراهيم، خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه، فجعلها عليه الله برداً وسلاماً. وأمر الله جدي أن يذبح له أبي، ففداه الله بما فداه الله به. وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته.
فأذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه، كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري. فأذهب عني وهو المحبوس عندك في السرقة، وأني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقاً. فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب، بكى وصاح وقال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً}.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله: {اذهبوا بقميصي هذا} «إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار، نزل إليه جبريل بقميص من الجنة، وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة، وقعد معه يتحدث، فأوحى الله إلى النار {كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} [ الأنبياء: 69] ولولا أنه قال: وسلاماً، لأذاه البرد ولقتله البرد».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البشر، فقال: «ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن اسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله. إن الله كسا إبراهيم ثوباً من الجنة، فكساه إبراهيم إسحاق، فكساه اسحاق يعقوب، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد، وعلقه في عنق يوسف، ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه، فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعين سنة، أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل، فوجد يعقوب ريحه فقال: {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيراً، وليس يقع شيء من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب رضي الله عنه قال: لما ألقي إبراهيم في النار، كساه الله تعالى قميصاً من الجنة، فكساه إبراهيم اسحاق، وكساه اسحاق يعقوب، وكساه يعقوب يوسف، فطواه وجعله في قصبة فضة، فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب، وحين سجن، وحين دخل عليه إخوته.
وأخرج القميص من القصبة فقال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً} فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان، بأرض فلسطين، فقال: {إني لأجد ريح يوسف}.
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان أهله حين أرسل إليهم، فأتوا مصر ثلاثة وتسعين إنساناً، رجالهم أنبياء، ونساؤهم صِدِّيقات، والله ما خرجوا مع موسى عليه السلام، حتى بلغوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: خرج يعقوب عليه السلام إلى يوسف عليه السلام بمصر، في اثنين وسبعين من ولده وولد ولده، فخرجوا منها مع موسى عليه السلام وهم ستمائة ألف.